السبت، 12 يناير 2019

الحياة بدون هاتف ذكي

الحياة بدون هاتف ذكي
-----
كتبتها فى 2015


لقد تخلصت من هاتفي الذكي قصرا وجبرا وليس اختيارا حرا، عبر كتف قانوني وجهته سيرين بنتي للهاتف من أعلي وحدة الأدراج بغرفة نومي لتطرحه أرضا فيسقط صريعا على أم شاشته ، والشاشة فى الهاتف الذكي هي كل شىء – فهي الواجهة الكبيرة التى تعمل باللمس بلا أي أزرار وذلك تطبيقا لرؤية المتوفي ستيف جوبز وسير مئات الملايين خلفه.


لم أنفعل لقناعتي أن الهيصة لا تفيد، انتظرت لمعرفة سعر التصليح وتوقعي أنه مبلغ لن يزيد عن مئة أو مئتي ريال، ولكن بعد جولة على عدة محال وجدت السعر يتراوح بين 450 الى 600 ريال وهو مبلغ ضخم بالنسبة لي الأن خصوصا مع العيش بدون راتب لحوالى ثلاث أشهر تقريبا، فكان الإختيار الوحيد المتاح هو استخدام هاتف غبي قديم وقد كان.


التخلص من إدمان الهاتف الذكي وتطبيقات وسائط الإتصال الإجتماعي كان رغبة وأمنية عندي منذ فترة كبيرة، ولكن هذه الرغبة نادرا ما تحولت إلى فعل.
عدة مرات احاول مسح بعض التطبيقات من الهاتف مثل الفيس بوك أو شراء هاتف غبي من ماركة نوكيا القديم ولكن لا تستمر المحاولة لبضع ساعات وعندما تستمرر ليوم أكون بطل فى المقاومة.


من عوائق التخلص من الهاتف الذكي هو الخوف من فقد التواصل الدائم مع الناس، كيف سأتواصل اذا مع الأخرين بدون Whats app، وهو الذى جعمنى ثانية بأصدقائي من الكلية والحزب والنقاش المستمر حول شئون الحياة والسياسة واجتماعيات الأهل والأحباب.

كيف سأعرف الأخبار والجديد بدون  Facebook  والمقالات والأراء الجميلة المفيدة التى يقوم بمشاركتها الأخرين،


كنت علي قناعة إني سأخسر كثيرا معرفيا واجتماعيا بدون الهاتف الذكي، ولكن على 
الجانب الأخر كنت على وعي بمساوئه،
 أن استيقظ وتكون أول ما تري عينى هي شاشة الهاتف واشعاراته ومن قام بالتعليق وضغط زر الإعجاب والرد على ال whats app  
وغياب الجودة فى الوقت الذى أقضيه مع عائلتي بسبب النظر للهاتف والتواصل مع الأخرين فى نفس الوقت،


مع غياب التركيز فى أى شىء أعمله فى العمل أو أي نشاط أخر وصولا للظهور بمظهر الذى لا يستطيع التحكم فى تصرفاته عندما اقوم بعمل اى شىء مع أولادي ويقولون لى "سيب الموبايل" واحاول ان امسكه دون ان يلاحظوا مثل المهرب.
كان وقت الصلاة هو انقطاع قسري عن الإطلاع على الهاتف الذكي، وبعد انتهاء الصلاة كان ختام الصلاة هو إخراج الهاتف فورا من جيبي للإطلاع على ماذا حدث فى العالم فى هاتين الدقيقتين.



الأن بعد مرور حاولى شهر بدون هاتف ذكي استطيع أن أقول بأريحية أني ممنون لسيرين أنها حطمته، شكرا لهذا الدمار الذى احدثتيه.
العيش مع هاتف غبي لذيذ وممتع،


يكفى انك لا تحمل هم الشاحن، الهاتف الغبي يظل يعمل معك عدة أيام بلا شحن، ويكفى وضعه على الشاحن عشرات من الدقائق على فترات بعيدة ودمتم ، لقد ولت أيام العبودية للشاحن، شحن بالمنزل وشحن بالعمل والتحرك بالشاحن وشحن بالعربية والبحث عن فيشة فى أي مكان تذهبه والتقيد بالبقاء جنب مصدر كهرباء، أضف إلى ذلك بوظان أو ضياع الشواحن المستمر
حقيقي تبا


أداة من المفترض أنها تحسن حياتنا ولكنها تجعلنا مقيدين بشكل كبير.
من المميزات أيضا للهاتف الغبي هو عدم خوفك عليه، فهو ليس بالسلعة الثمينة المعرضة للسرقة، فيأخد جزء من تركيزك لتأمينه فى العمل أو فى الجيم أو اي مكان ، وحتي تعرضه للصدمات غالبا يكون أقوي وأمتن واذا تعرف لمكروه فمصاريف استبداله كله هي أقل من سعر شاحن هاتف ذكي.




الميزة الأهم هي الصفاء الذهني، لقد تخلصت من الوميض الأزرق أو الأخضر الذى يستحثنى على وقف كل ما أفعله لأنظر للإشعار الهام الذى جائني بأن ساحر الأحزان قام بإضافتي لجروب العين الزائغة ، أو ان فلان يرسل تهانيه بمناسبة مولد فلان الأخر بشكل ميكانيكى بلا أي مشاعر ونوع من تسديد الخانة.


الهاتف الذكي يجعلك على تواصل ولا تواصل فى نفس الوقت، هو تواصل منزوع المعني والمشاعر والإحساس. قد تتواصل مع شخص اليكترونيا لشهور طويلة دون أن يخطر ببالك ان تتصل به لتسمع صوته ويسمع صوتك.
بعد مرور شهر أتذكر تقلبي كالمجنون بين التطبيقات لرؤية ما هو جديد، انستجرام ، تويتر ، فيس بوك ، واتس اب وشعور الإحباط عندما لا أجد أي جديد.



الأن عندما أشاهد منظر طبيعي او لقطة جميلة ، استمتع بها ، ابتسم ، اتنفس، تترك أثرا جميلا فى نفسي
لو كان معى الهاتف الذكي كنت فورأ ساسارع فى اخراجه من جيبي لأصور اللقطة وأسارع فى وضعها على الإنستجرام وأظل كل عدة دقائق اتابع من قام بالإعجاب بالصورة.

كم كنت مغفلا
التخلص من الهاتفي الذكي جعلني الأن انتقل لإدمان الاب توب فهو الوسيلة البديلة لمتابعة وسائط الإتصال الإجتماعي، ولكن قسرا هو ليس متاح معي فى جيبي ولذك غصبا عني الوقت الذى أقضيه قل كثيرا،


مدونة نينار لفتت نظري لميزة أخري فى التخلص من الهاتف الذكي ، وهو الجانب المادي، اذا حسبت مصاريفك على شراء هاتف ذكي كل سنتين ومصاريف الصيانة والشواحن وباقة ال Data  وجمعتها على عدة سنوات عشرين أو ثلاثين سنة ، ستجد نفسك صرفت ثروة كبيرة على هذا البند فقط ، وكل ذلك حتى تعرف المعلومة او الخبر بشكل فوري.

الأن لإن تواصلى الإفتراضي قل مع الأصدقاء، البديل هو استخدام الهاتف، أتصل تلفونيا بالأصدقاء،

الإتصال التليفوني بهدف إنساني أصبح مثل الكائنات المهددة بالإنقراض.
هناك بعض التطبيقات المفيدة التى لا أعرف لها بديلا مثل خدمة الخرائط وقت التوهان ، وهي حاله نادرا لن احتاجها الا قليلا ، والإتصال الدولي بالأحبة فى الدول الأخري، من الممكن استخدام هاتف ذكي لشخص أخر ، واليقين بأن كل شىء له ميزة وعيب وتقبل عيوب اختياراتي بصدر رحب.

ونحن على مشارف عام جديد ، كتبت أن أحد أمنياتي أن اظل عام 2016 بلا هاتف ذكي، لا أعرف هل سأحقق ذلك أم لا.

الأن عندما أري من يتصفح هاتفه ذكي وهو يقود سيارته أو وهو يمشي أو وهو يفعل أي نشاط أخر اتخيله زومبي – الكائن الذى يمشي بخطوات بطيئة وهو شبة ميت – هذا حالنا مع الهواتف الذكية  و أنا كنت أحد هولاء الزومبي لولا كتف سيرين. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق